[size=16]التقليعات الشبابية.. عندما تتحول إلى تيار جارف!!
تفيض شوارعنا بألوان من الموضة والتقليعات الشبابية, حتى لنشعر أننا خارج بلادنا أحياناً, فلم يعد مستغرباً أن نرى شاباًَ يرتدي ألواناً زاهية وصاخبة, ولم يزل البنطال (اللوويست) آخر الصيحات,
والشعر إما هو قصير جداً تتخلله بعض الرسوم, أو الطويل مربوط, ومنه المشدود للأعلى بمواد لاصقة, عدا عن الإكسسوارات, كل ذلك في محاولة من هؤلاء لركوب الموجة الشبابية الآتية إلينا من الغرب, إما بحثاً عن التميز أو محاولة للفت الأنظار, أو لمجرد التقليد, أو هي العولمة ولأنها ظاهرة تتعلق بشريحة واسعة من أبنائنا وتوجه لهم الاتهامات بسببها, كان لابد من الاقتراب منهم وسؤالهم عن حبهم للموضة والصرعات, في محاولة منا لتلمس دوافعهم, بالإضافة لمعرفة رأي أولياء الأمور بهذه التقليعات.
تيار الموضة
من وجهة نظر بعضهم فإن مجاراة الموضة مسألة هامة جداً, فيرى محمد الخطيب 24 عاماً- موظف, أن إطالة شعره بهذه الطريقة تعطيه مظهراً عصرياً, وهو مرتاح لذلك, يقول: أهلي يرون في ذلك خروجاً عن المألوف, ولكن من حقي أن أفعل كما يفعل رفاقي, فبعد أن كنت أجدهم يبالغون في العناية بشعرهم واختيار الملابس (الصرعة) إلا أني تأثرت بهم شيئاً فشيئاً بعد أن أقنعوني بأنها من سمات الشاب ( المودرن).
أما محمود شربجي 20 عاماً,فقد وجد نفسه منجرفاً وراء تيار الموضة الرائجة, لأنه يعمل في محل لبيع الألبسة, وبرأيه عليه أن يكون أول من يتبع الموضة, وهذا يبدو من خلال ارتدائه (بنطال جينز منخفض الخصر) بحزام تزينه أحجار لامعة, يقول: (أرتدي ما يناسب عمري, فأنا ما زلت شاباً,ولا أتصور نفسي ألبس مثل والدي, وإن كنت قادراً على مجاراة الموضة, فلماذا لا أفعل).
لفت للأنظار وتميز
في عصر الانفتاح والفضائيات, أصبحت الموضة في تغيير دائم, فكل يوم هناك موضة جديدة, فيتبارى بعض الشباب في أيهما أكثر مجاراة لأحدث التقليعات.
عيسى القادري 21 عاماً- طالب جامعي, لم يجد حرجاً في ارتداء بلوزة بدون أكمام, لتظهر عضلاته البارزة, وقد وضع قلادة في عنقه, هذا عدا عن قصة شعره الغريبة.
يقولأحاول لفت الأنظار وخاصة الفتيات, ولا أرى في هذا عيباً, فكل واحد منا في داخله رغبة في أن يكون محطاً للأنظار ولكل منا طريقته).
والمولع بكل ما هو جديد, يجد في الأمر ولو كان مكلفاً مادياً, إشباعاً لرغبته في التميز بين أقرانه, فيرى مجد 18 عاماً أن هذه الموضة تضفي عليه مظهراً شبابياً, يقول: (أحب أن أكون مميزاً عن الآخرين, وهذا شعور يسعدني ويرضي غروري).
مجرد تقليد
قد يبدو آدم 24 عاماً أكثرهم غرابة من حيث المظهر, فقد حلق شعره بشكل خفيف وجعل فيه خطوطاً رفيعة على الجانبين, وخطاً رفيعاً فوق جبينه, وخطاً رفيعاً في حاجبه, فشعرت وكأني أقف أمام الفنان رامي عياش, يقول أنا مهووس بالصرعات, وأحب أن أرى نظرات الدهشة ممن حولي, فلا أدخر مالاً أو جهداً في محاولة لأبدو كفناني المفضل).
حرية شخصية
وأمام نظرات الاستغراب والاستهجان ممن هم أكبر سناً, مازال أسامة دياب 20 عاماً معجباً ببنطاله الجينز الممزق والذي يجده الأحدث في عالم الموضة, يقول: (أعيش في بلد غربي, وعندما أعود في الإجازة إلى بلدي, اسمع الكثير من الانتقادات حول ثيابي وشعري الطويل, إلا أني لا أْعير ذلك أي اهتمام ومظهري حرية شخصية).
الأهل.. بين مؤيد ومعارض
إزاء هذه التقليعات يقف الأهل مواقف متباينة, ففي حين ترى السيدة سميرة أن الشاب من حقه أن يكون ابن عصره, ويتمتع بشبابه تقول على الأهل ألا ينسوا أنفسهم عندما كانوا شباباً, فقد اتبعوا الموضة السائدة في عصرهم, مثل السوالف الطويلة والبنطال الشرلستون, فلندعهم وشأنهم, لأنها فترة وتمضي من حياة الشاب, فعندما تصبح لديه مسؤوليات سيقلع عنها.
يقف في الجانب الآخر الكثير ممن يرون في هذه الملابس وقصات الشعر ما يخالف عاداتنا وقيمنا, وبعيدة كل البعد عن مجتمعنا فهي وافدة إلينا من الغرب, يقول السيد ماجد: واجبنا كآباء توجيه هؤلاء الشباب, واقناعهم بأنها غير مناسبة لهم, فهي تجعلهم أشبه بالنساء, وتذهب بهيبتهم ورجولتهم).
موضة مكلفة مادياً
حيدر الذهب, صاحب محل لبيع الألبسة, يقولهذه الملابس مطلوبة جداً من فئة الشباب الصغار, فالألوان الصاخبة اللامعة والبراقة والرقيقة مثل الفوال والشيفون هي الآن آخر موضة, ناهيك عن تكلفتها, فأسعارها غالية قياساً لغيرها, فالبنطال الممزق أغلى من العادي, ومع ذلك يلقى رواجاً أكثر).
أما قصات الشعر, فيحدثنا عنها مفيد الصواف, صاحب محل للحلاقة الرجالة, يقول: (مايطلبه الشباب الآن لم يكن موجوداً من قبل, فالأكثر انتشاراً قصة (السبايكي) والحلاقة الناعمة المزينة بالرسوم, بالإضافة إلى الميش والهاي لايت والتسبيل والتجعيد, وهذه القصات تتطلب المتابعة عند الحلاقة وهي تكلف الشاب مادياً.
خير الأمور أوسطها
وبين مؤيد ومعارض لهذه التقليعات والصرعات, ولكل أسبابه, ترى الدكتورة ايمان حيدر الاختصاصية بعلم الاجتماع, أن للموضة في وقتنا الحالي طقوساً خاصة من حيث الملابس وقصات الشعر وتتابع قولها: في عصرنا, عصر الصورة والفضائيات أصبح المجال واسعاً للاطلاع أكثر والانتشار بسرعة, فعندما يريد مصممو الموضة ابتكار شيء جديد, فإنهم يستمدونها من الاعلانات الغربية وشخصيات المشاهير التي تشد انتباه الشباب والمراهقين, وبذلك يضمن المصمم انتشاراً ورواجاً لتصاميمه, وبما أن الشباب في مرحلة المراهقة يبحثون عن الجديد ويتأثرون بالآخرين, ويهوون لفت الأنظار وخاصة الفتيات, فيجدون في الموضة المبتكرة والغريبة غايتهم.
وتحذر د. حيدر من استفحال ظاهرة انتشار التقليعات الغربية بشكل أضحى مسيئاً للنظر والذوق العام كالثياب الممزقة, فهذه صرعات أتت إلينا عن طريق العولمة وبعيدة كل البعد عن ثقافتنا وفكرنا.
وتشير إلى أن الانجراف وراء هذه الموضة يكشف عن شباب غير مبالٍ بما يدور من حوله وليس لديه شيء خاص به, فيقلد تقليداً أعمى ولا يدري لماذا?
وعن كيفية مواجهة هذه الظاهرة, تتابع د. حيدر بقولها: نحن أمام تيار جارف, لا يستطيع أحد الوقوف بوجهه, سوى أن نسلح أبناءنا الشباب بالوعي الكافي للتمييز بين المظهر اللائق اجتماعياً, وغير اللائق, عبر الحوار والنقد البناء والتوجيه غير المباشر, وإن كان لابد من اتباع الموضة العصرية, فليأخذ منها شبابنا ما يناسب بيئتنا ومجتمعنا, وخير الأمور أوسطها.
[/size]