طاعة أولي الأمر
ما المراد بطاعة ولاة الأمر في الآية هل هم العلماء أم الحكام ولو كانوا ظالمين لأنفسهم ولشعوبهم؟
يقول الله عز وجل :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا
وأولو الأمر هم العلماء والأمراء أمراء المسلمين وعلماؤهم يطاعون في طاعة الله إذا أمروا بطاعة . الله وليس في معصية الله .
فالعلماء والأمراء يطاعون في المعروف . لأن بهذا تستقيم الأحوال ويحصل الأمن وتنفذ الأوامر وينصف المظلوم ويردع الظالم . أما إذا لم يطاعوا فسدت الأمور وأكل القوي الضعيف- فالواجب أن يطاعوا في طاعة الله في المعروف سواء كانوا أمراء أو علماء- العالم يبين حكم الله والأمير ينفذ حكم الله هذا هو الصواب في أولي الأمر ، هم العلماء بالله وبشرعه وهم أمراء المسلمين عليهم أن ينفذوا أمر الله وعلى الرعية أن تسمع لعلمائها في الحق وأن تسمع لأمرائها في المعروف- أما إذا أمروا بمعصية سواء كان الآمر أميرا أو عالما فإنهم لا يطاعون في ذلك ، إذا قال لك أمير اشرب الخمر فلا تشربها أو إذا قال لك كل الربا فلا تأكله ، وهكذا مع العالم إذا أمرك بمعصية الله فلا تطعه ، والتقي لا يأمر بذلك لكن قد يأمر بذلك العالم الفاسق . والمقصود أنه إذا أمرك العالم أو الأمر بشيء من معاصي الله فلا تطعه في معاصي الله إنما الطاعة في المعروف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
قال الرسول صلى الله عليه وسلم
((من أطاعني فقد أطاع الله ومن يعصني فقد عصا الله ومن يطع أميري فقد أطاعني ومن يعص أميري فقد عصاني )) رواه مسلم
وعن ابي هريرة -رضي الله عنه -(( قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك )) رواه مسلم ( 1836)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
((فطاعة الله ورسوله واجبة على كل أحد , وطاعة ولاة الأمور واجبة لأمر الله بطاعتهم ,
فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمور لله فأجره على الله ومن كان لايطيعهم إلا لما يأخذ ه من الولاية فإن أعطوه أطاعهم وإن منعوه عصاهم , فماله في الآخرة من خلاق ,
وقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه -عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( ثلاثة لايكلمهم الله يوم القيامة ولاينظر إليهم ولايزكيهم , ولهم عذاب أليم :
رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل ,
ورجل بايع رجلاً سلعة بعد العصر فحلف له بالله لأخذها بكذا وكذا فصدقه وهو غير ذلك
ورجل بايع إماماً لايبايعه إلا لدنيا , فإن أعطاه منها وفا وإن لم يعطه منها لم يف )) الفتاوى ( 35/16-17)
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (( لما سأله رجل :يانبي الله
أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألوننا حقهم ويمنعوننا حقنا فما تأمرنا؟ فأعرض عنه ثم سأله فأعرض عنه
ثم سأله في الثالثة فجذبه الأشعث بن قيس فقال صلى الله عليه وسلم (( اسمعوا وأطيعوا
فإنما عليهم ماحملوا وعليكم ماحملتم )) رواه مسلم ( 1846)
( المفهم 4/55) قال القرطبي : ( يعني ان الله تعالى كلف الولاة العدل وحسن الرعاية
وكلف المُولَى عليهم الطاعة وحسن النصيحة فأراد :
انه إذاعصى الأمراء الله فيكم ولم يقوموا بحقوقكم , فلاتعصوا الله انتم فيهم وقوموا بحقوقهم
فإن الله مجاز كل واحد من الفريقين بما عمل .)) المفهم (4/55)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم
((يكون بعدي أئمة لايهتدون بهداي ولايستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين
في جثمان إنس قال ( حذيفة): قلت : كيف أصنع يارسول الله ؟ إن أدركت ذلك ؟؟
قال : (( تسمع وتطيع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك , فاسمع وأطع ))
رواه البخاري ( 7084) ومسلم ( 1847) باب ( يصبر على أذاهم وتؤدى حقوقهم )
وقال النبي صلى الله عليه وسلم (( من كره من أميره شيئاً
فليصبر عليه ,فإنه ليس من أحد من الناس يخرج من السلطان شبراً فمات عليه , إلا مات ميتة جاهلية ))
رواه مسلم من حديث ابن عباس -رضي الله عنه - (1849) ورواه البخاري ( 7053)
وعن نافع قال : جاء عبد الله بن عمر الى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ماكان
من يزيد بن معاوية فقال : اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة . فقال : إني لم آتك لأجلس , أتيتك لأحدثك حديثاً سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله , سمعته يقول :
(( من خلع يداً من طاعة , لقي الله يوم القيامة لاحجة له , ومن مات وليس في عنقه بيعة , مات ميتة جاهلية ))رواه مسلم
( 1851)
قال القرطبي في المفهم :
قوله ( ولاحجة له ) أي لايجد حجة يحتج بها عند السؤال فيستحق العذاب ,لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أبلغه ماامره الله بإبلاغه من وجوب السمع والطاعة لأولي الأمر , في الكتاب والسنة ) انتهى كلامه .
وروى مسلم في الصحيح في باب ( فيمن خلع يداً من طاعة وفارق الجماعة )
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
(( من خرج عن الطاعة , وفارق الجماعة , فمات فميتته جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعوا لعصبة
أوينصر عصبة فقتل فقتلته جاهلية ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولاينحاش عن مؤمنها , ولايفي لذي عهد عهده , فليس مني ولست منه )) رواه أحمد (2/296) ومسلم (1848)
قال القرطبي في المفهم :
( قوله (من خرج عن الطاعة ....) بالطاعة : طاعة ولاة الأمر وبالجماعة : جماعة المسلمين على إمام او أمر مجتمع عليه . وفيه دليل على وجوب نصب الإمام وتحريم مخالفة إجماع المسلمين وأنه واجب الإتباع ))
ثم قال ( ويعني بموتة الجاهلية ) انهم كانوا فيها لايبايعون إماماً ولايدخلون تحت طاعته , فمن كان من المسلمين لم يدخل تحت طاعة إمام
فقد شابههم في ذلك , فإن مات على تلك الحالة مات على مثل حالهم مرتكباً كبيرة من الكبائر , ويخاف عليه بسببها الأَ يموت على الإسلام )) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (4/59)
قال صلى الله عليه وسلم: (( من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد منكم , يريد أن يشق عصاكم , فاقتلوه )) رواه مسلم ( 1852)
وقال صلى الله عليه وسلم: (( ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون , فمن عرف فقد برىء , ومن أنكر فقد سلم
ولكن من رضي وتابع قالوا : أفلا نقاتلهم قال :لا , ما صلوا )) رواه مسلم
قال الإمام النووي -رحمه الله - (( أما قوله فمن عرف فقد برىء وفي الرواية التي بعدها فمن كره فقد برىء فظاهره ومعناه :
من كره ذلك المنكر فقد برىء من إثمه وعقوبته , وهذا في حق من لايستطيع انكاره بيده ولالسانه فليكرهه بقلبه وليبرأ
وأما من روى ( فمن عرف فقد برىء ) فمعناه والله أعلم فمن عرف المنكر ولم يشتبه عليه فقد صارت
له طريق الى البراءة من إثمه وعقوبته بان يغيره بيده او بلسانه فإن عجز فليكرهه بقلبه
وقوله صلى الله عليه وسلم ((ولكن من رضي وتابع )):
معناه : ولكن الإثم والعقوبة على من رضي وتابع وفيه دليل على أن من عجز عن إزالة المنكر لايأثم بمجرد السكوت بل إنما يأثم بالرضى به او أن لايكرهه بقلبه او بالمتابعة عليه
وأما قوله صلى الله عليه وسلم (( أفلا نقاتلهم فقال لاماصلوا )):
ففيه معنى ماسبق : أنه لايجوز الخروج على الخلفاء بمجرد الظلم أو الفسق مالم يغيروا شيئاً من قواعد الإسلام )) انتهى ( شرح النووي على صحيح مسلم 12/243-244)
وعن عوف بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم
ويبغضونكم , وتلعنونهم ويلعنونكم,
قيل : يارسول الله أفلاننابذهم بالسيف ؟؟؟
فقال : لا, ماأقاموا فيكم الصلاة , وإذا رأيتم من ولاتكم شيئاً تكرهونه فاكرهوا عمله ولاتنزعوا يداً من طاعة . )) رواه مسلم
وفي رواية قال : لاماأقاموا فيكم الصلاة , لا مااقاموا فيكم الصلاة , ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره مايأتي من معصية الله ولاينزعن يداً من طاعة . ))
السمع والطاعة لولاة أمر المسلمين أصل عظيم من أصول عقيدتنا الإسلامية، فقد خصها علماء السلف بمزيد عناية في كتبهم، فلا تكاد تجد كتاباً من كتبهم في باب العقائد إلا وقد تطرق إلى تقرير هذا الأصل العظيم وتفصيله وبيانه، وذلك لما له من أهمية كبرى ومكانة عظمى؛ فبولاة الأمر تنتظم مصالح المسلمين، وتجتع كلمتهم، وتؤمن سبلهم، وتقام صلاتهم، وبدونهم تتعطل الأحكام، وتعم الفوضى، ويختل الأمن، ولا يأمن الناس على دمائهم وأموالهم وأعراضهم.
قال شيخ الإسلام بن تيمية في كتابه (السياسة الشرعية) (يجب أن يُعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدّين بل لا قيام للدين إلا بها، فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض، ولا بد لهم عند الاجتماع من رأس) إلى أن قال رحمه الله: (ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة، وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع والأعياد، ونصر المظلوم وإقامة الحدود لا تتم إلا بالقوة والإمارة).
ثم إن طاعة ولاة أمور المسلمين مما عُلم وجوبه من دين الله بالضرورة، وتضافرت عليه نصوص الشريعة.
فمما يدل على عظم شأن طاعة ولاة الأمر أن الله عز وجل قرنها بطاعته سبحانه وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم-، فقال جل شأنه:{أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}.
قال ابن كثير - رحمه الله- في تفسير قوله تعالى:{وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}. والظاهر والله أعلم أنها عامة في كل أولي الأمر من الأمراء والعلماء).
وأما الأحاديث الواردة في وجوب السمع والطاعة، فهي كثيرة بلغت حد التواتر، فمن ذلك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم-: (أمر بطاعة ولي الأمر ما لم يأمر بمعصية الله عز وجل، فقد أخرج الشيخان في صحيحيهما، من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة).
ما المراد بطاعة ولاة الأمر في الآية هل هم العلماء أم الحكام ولو كانوا ظالمين لأنفسهم ولشعوبهم؟
يقول الله عز وجل :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا
وأولو الأمر هم العلماء والأمراء أمراء المسلمين وعلماؤهم يطاعون في طاعة الله إذا أمروا بطاعة . الله وليس في معصية الله .
فالعلماء والأمراء يطاعون في المعروف . لأن بهذا تستقيم الأحوال ويحصل الأمن وتنفذ الأوامر وينصف المظلوم ويردع الظالم . أما إذا لم يطاعوا فسدت الأمور وأكل القوي الضعيف- فالواجب أن يطاعوا في طاعة الله في المعروف سواء كانوا أمراء أو علماء- العالم يبين حكم الله والأمير ينفذ حكم الله هذا هو الصواب في أولي الأمر ، هم العلماء بالله وبشرعه وهم أمراء المسلمين عليهم أن ينفذوا أمر الله وعلى الرعية أن تسمع لعلمائها في الحق وأن تسمع لأمرائها في المعروف- أما إذا أمروا بمعصية سواء كان الآمر أميرا أو عالما فإنهم لا يطاعون في ذلك ، إذا قال لك أمير اشرب الخمر فلا تشربها أو إذا قال لك كل الربا فلا تأكله ، وهكذا مع العالم إذا أمرك بمعصية الله فلا تطعه ، والتقي لا يأمر بذلك لكن قد يأمر بذلك العالم الفاسق . والمقصود أنه إذا أمرك العالم أو الأمر بشيء من معاصي الله فلا تطعه في معاصي الله إنما الطاعة في المعروف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق
قال الرسول صلى الله عليه وسلم
((من أطاعني فقد أطاع الله ومن يعصني فقد عصا الله ومن يطع أميري فقد أطاعني ومن يعص أميري فقد عصاني )) رواه مسلم
وعن ابي هريرة -رضي الله عنه -(( قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك )) رواه مسلم ( 1836)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
((فطاعة الله ورسوله واجبة على كل أحد , وطاعة ولاة الأمور واجبة لأمر الله بطاعتهم ,
فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمور لله فأجره على الله ومن كان لايطيعهم إلا لما يأخذ ه من الولاية فإن أعطوه أطاعهم وإن منعوه عصاهم , فماله في الآخرة من خلاق ,
وقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه -عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( ثلاثة لايكلمهم الله يوم القيامة ولاينظر إليهم ولايزكيهم , ولهم عذاب أليم :
رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل ,
ورجل بايع رجلاً سلعة بعد العصر فحلف له بالله لأخذها بكذا وكذا فصدقه وهو غير ذلك
ورجل بايع إماماً لايبايعه إلا لدنيا , فإن أعطاه منها وفا وإن لم يعطه منها لم يف )) الفتاوى ( 35/16-17)
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (( لما سأله رجل :يانبي الله
أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألوننا حقهم ويمنعوننا حقنا فما تأمرنا؟ فأعرض عنه ثم سأله فأعرض عنه
ثم سأله في الثالثة فجذبه الأشعث بن قيس فقال صلى الله عليه وسلم (( اسمعوا وأطيعوا
فإنما عليهم ماحملوا وعليكم ماحملتم )) رواه مسلم ( 1846)
( المفهم 4/55) قال القرطبي : ( يعني ان الله تعالى كلف الولاة العدل وحسن الرعاية
وكلف المُولَى عليهم الطاعة وحسن النصيحة فأراد :
انه إذاعصى الأمراء الله فيكم ولم يقوموا بحقوقكم , فلاتعصوا الله انتم فيهم وقوموا بحقوقهم
فإن الله مجاز كل واحد من الفريقين بما عمل .)) المفهم (4/55)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم
((يكون بعدي أئمة لايهتدون بهداي ولايستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين
في جثمان إنس قال ( حذيفة): قلت : كيف أصنع يارسول الله ؟ إن أدركت ذلك ؟؟
قال : (( تسمع وتطيع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك , فاسمع وأطع ))
رواه البخاري ( 7084) ومسلم ( 1847) باب ( يصبر على أذاهم وتؤدى حقوقهم )
وقال النبي صلى الله عليه وسلم (( من كره من أميره شيئاً
فليصبر عليه ,فإنه ليس من أحد من الناس يخرج من السلطان شبراً فمات عليه , إلا مات ميتة جاهلية ))
رواه مسلم من حديث ابن عباس -رضي الله عنه - (1849) ورواه البخاري ( 7053)
وعن نافع قال : جاء عبد الله بن عمر الى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ماكان
من يزيد بن معاوية فقال : اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة . فقال : إني لم آتك لأجلس , أتيتك لأحدثك حديثاً سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله , سمعته يقول :
(( من خلع يداً من طاعة , لقي الله يوم القيامة لاحجة له , ومن مات وليس في عنقه بيعة , مات ميتة جاهلية ))رواه مسلم
( 1851)
قال القرطبي في المفهم :
قوله ( ولاحجة له ) أي لايجد حجة يحتج بها عند السؤال فيستحق العذاب ,لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أبلغه ماامره الله بإبلاغه من وجوب السمع والطاعة لأولي الأمر , في الكتاب والسنة ) انتهى كلامه .
وروى مسلم في الصحيح في باب ( فيمن خلع يداً من طاعة وفارق الجماعة )
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
(( من خرج عن الطاعة , وفارق الجماعة , فمات فميتته جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعوا لعصبة
أوينصر عصبة فقتل فقتلته جاهلية ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولاينحاش عن مؤمنها , ولايفي لذي عهد عهده , فليس مني ولست منه )) رواه أحمد (2/296) ومسلم (1848)
قال القرطبي في المفهم :
( قوله (من خرج عن الطاعة ....) بالطاعة : طاعة ولاة الأمر وبالجماعة : جماعة المسلمين على إمام او أمر مجتمع عليه . وفيه دليل على وجوب نصب الإمام وتحريم مخالفة إجماع المسلمين وأنه واجب الإتباع ))
ثم قال ( ويعني بموتة الجاهلية ) انهم كانوا فيها لايبايعون إماماً ولايدخلون تحت طاعته , فمن كان من المسلمين لم يدخل تحت طاعة إمام
فقد شابههم في ذلك , فإن مات على تلك الحالة مات على مثل حالهم مرتكباً كبيرة من الكبائر , ويخاف عليه بسببها الأَ يموت على الإسلام )) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (4/59)
قال صلى الله عليه وسلم: (( من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد منكم , يريد أن يشق عصاكم , فاقتلوه )) رواه مسلم ( 1852)
وقال صلى الله عليه وسلم: (( ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون , فمن عرف فقد برىء , ومن أنكر فقد سلم
ولكن من رضي وتابع قالوا : أفلا نقاتلهم قال :لا , ما صلوا )) رواه مسلم
قال الإمام النووي -رحمه الله - (( أما قوله فمن عرف فقد برىء وفي الرواية التي بعدها فمن كره فقد برىء فظاهره ومعناه :
من كره ذلك المنكر فقد برىء من إثمه وعقوبته , وهذا في حق من لايستطيع انكاره بيده ولالسانه فليكرهه بقلبه وليبرأ
وأما من روى ( فمن عرف فقد برىء ) فمعناه والله أعلم فمن عرف المنكر ولم يشتبه عليه فقد صارت
له طريق الى البراءة من إثمه وعقوبته بان يغيره بيده او بلسانه فإن عجز فليكرهه بقلبه
وقوله صلى الله عليه وسلم ((ولكن من رضي وتابع )):
معناه : ولكن الإثم والعقوبة على من رضي وتابع وفيه دليل على أن من عجز عن إزالة المنكر لايأثم بمجرد السكوت بل إنما يأثم بالرضى به او أن لايكرهه بقلبه او بالمتابعة عليه
وأما قوله صلى الله عليه وسلم (( أفلا نقاتلهم فقال لاماصلوا )):
ففيه معنى ماسبق : أنه لايجوز الخروج على الخلفاء بمجرد الظلم أو الفسق مالم يغيروا شيئاً من قواعد الإسلام )) انتهى ( شرح النووي على صحيح مسلم 12/243-244)
وعن عوف بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم
ويبغضونكم , وتلعنونهم ويلعنونكم,
قيل : يارسول الله أفلاننابذهم بالسيف ؟؟؟
فقال : لا, ماأقاموا فيكم الصلاة , وإذا رأيتم من ولاتكم شيئاً تكرهونه فاكرهوا عمله ولاتنزعوا يداً من طاعة . )) رواه مسلم
وفي رواية قال : لاماأقاموا فيكم الصلاة , لا مااقاموا فيكم الصلاة , ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره مايأتي من معصية الله ولاينزعن يداً من طاعة . ))
السمع والطاعة لولاة أمر المسلمين أصل عظيم من أصول عقيدتنا الإسلامية، فقد خصها علماء السلف بمزيد عناية في كتبهم، فلا تكاد تجد كتاباً من كتبهم في باب العقائد إلا وقد تطرق إلى تقرير هذا الأصل العظيم وتفصيله وبيانه، وذلك لما له من أهمية كبرى ومكانة عظمى؛ فبولاة الأمر تنتظم مصالح المسلمين، وتجتع كلمتهم، وتؤمن سبلهم، وتقام صلاتهم، وبدونهم تتعطل الأحكام، وتعم الفوضى، ويختل الأمن، ولا يأمن الناس على دمائهم وأموالهم وأعراضهم.
قال شيخ الإسلام بن تيمية في كتابه (السياسة الشرعية) (يجب أن يُعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدّين بل لا قيام للدين إلا بها، فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض، ولا بد لهم عند الاجتماع من رأس) إلى أن قال رحمه الله: (ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة، وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع والأعياد، ونصر المظلوم وإقامة الحدود لا تتم إلا بالقوة والإمارة).
ثم إن طاعة ولاة أمور المسلمين مما عُلم وجوبه من دين الله بالضرورة، وتضافرت عليه نصوص الشريعة.
فمما يدل على عظم شأن طاعة ولاة الأمر أن الله عز وجل قرنها بطاعته سبحانه وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم-، فقال جل شأنه:{أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}.
قال ابن كثير - رحمه الله- في تفسير قوله تعالى:{وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}. والظاهر والله أعلم أنها عامة في كل أولي الأمر من الأمراء والعلماء).
وأما الأحاديث الواردة في وجوب السمع والطاعة، فهي كثيرة بلغت حد التواتر، فمن ذلك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم-: (أمر بطاعة ولي الأمر ما لم يأمر بمعصية الله عز وجل، فقد أخرج الشيخان في صحيحيهما، من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة).